Page 59 - web
P. 59

‫هـي احرتازات المنافـذ البر َّيـة والبحر َّيـة والجو َّيـة للـدول؛ ذلـك لأن الـدول‬  ‫في البروتين الشـوكي المغ ِّلـف لجسـم الفيروس الـذي يعترب الجـزء المحـدد‬
‫تتفـاوت جهودهـا في إدارة الأزمـة؛ حيـث لا تـزال إفريقيـا تمثـل تحد ًيـا‬            ‫لكيفيـة تفاعـل الفيروس مـع دفاعـات الجسـم‪ ،‬مقارنـ ًة بسـبع طفـرات‬
‫للعالـم بأسـره؛ ذلـك لأن نسـبة المصابين بأمـراض نقـص المناعـة الذيـن‬               ‫فقـط في متحـور «دلتـا»‪ ،‬كمـا أوضـح العلمـاء أن الفيروس تضمحـ ُّل‬
‫لم يتلقوا أ ًّيا من جرعات التحصين يربون على ‪ 8‬ملايين شخص‪ ،‬وهم‬                      ‫فرصتـه للتحـ ُّور داخـل الجسـم الـذي يتم َّتـع بنظـام مناعـي قـوي؛ حيـث‬
‫كفيلـون بضـخ مزيـ ٍد مـن متحـورات الفيروس وانتشـاره عالم ًّيـا كالنـار في‬          ‫إن فرتة حضانتـه سـبعة أيـام ُتم ِّكـن الجهـاز المناعـي مـن احتوائـه؛ لـذا‬
‫الهشـيم‪ ،‬الأمـر الـذي يسـتوجب توزيـع اللقاحـات توزي ًعـا متكاف ًئـا على‬            ‫تربز الخطـورة في الأشـخاص ضعيفـي المناعـة كمـرضى السـرطان والذيـن‬
‫جميـع مناطـق العالـم‪ ،‬والتركيـز على بـؤر الانتشـار الأوسـع والـدول‬                 ‫خضعـوا لنقـل أعضـاء والمصابين بفيروس نقـص المناعـة؛ فهـؤلاء‬
                                                                                   ‫يعتربون بيئـة خصبـة لتحـ ُّور الفيروس إلى ساللات جديـدة يصعـب‬
           ‫الأشـد فقـ ًرا وإعطـاء التوعيـة الصح َّيـة مزيـ ًدا مـن الاهتمـام‪.‬‬      ‫احتـواء سـرعة انتشـارها وغير متو َّقـع مـدى ضراوتهـا‪ ،‬كمـا أن تعاطـي‬
‫ولا يفوتنـي‪ ،‬في هـذا المقـام‪ ،‬أن أذكـر جهـود المملكـة العرب َّيـة السـعود َّية‬     ‫جرعـات اللقـاح مـن شـأنه أن يقصـر فرتة حضانـة الفيروس داخـل‬
‫في هـذه الجائحـة ومـا تخطـوه مـن خطـوات احتراز َّيـة على جميـع‬
‫الأصعـدة لتفـادي ارتداداتهـا وسـلب َّياتها على الأمـن الصحـي أو ًل‪ ،‬ثـم‬                  ‫الجسـم؛ مـا يحـول دون تم ُّكنـه مـن إنتـاج مزيـ ٍد مـن التحـ ُّورات‪.‬‬
‫على الأمـن المجتمعـي والبيئـي والتقنـي والاقتصـادي ثان ًيـا؛ فقـد تبـ َّوأت‬        ‫ومتحـور «أوميكـرون»‪ ،‬كمـا تقـول مقالـة «بـي بـي سي نيـوز»‪ ،‬كان أول‬
‫المملكـة العرب َّيـة السـعود َّية ريـادة عالم َّيـة حين تضافـرت جهـود الدولـة‪،‬‬     ‫ظهـور لـه في جنـوب إفريقيـا في شـخص مصـاب بفيروس نقـص المناعـة‬
‫متم ِّثلـ ًة في وزارات الص َّحـة والإعالم والداخل َّيـة والاتصـالات والحـج‬         ‫قبـل أن ينتشـر سـري ًعا في أربعين دولـة‪ .‬وتعلـن منظمـة الص َّحـة العالم َّيـة‬
‫والبيئـة والتعليـم‪ ،‬لإدارة هـذه الأزمـة؛ فقـد تعاطـى جميـع المواطنين‬               ‫عـن وجـود زيـادة ملحوظـة في إحصـاءات الإصابـة بـ«كوفيـد – ‪ »19‬تفـوق‬
‫والمقيمين على أرض المملكـة جرع َتـي اللقـاح الأولى والثانيـة وأوشـكوا‬              ‫سابقيها‪ ،‬مع عدم تأ ُّثر معدل الوفيات أو المن َّومين في المستشفيات؛ ما‬
‫على الانتهـاء مـن الجرعـة الثالثـة‪ .‬ولقـد تو َّصلـت دراسـة أجراهـا مركـز‬           ‫يعنـي أنـه وباسـتمرار اسـتجابة المجتمـع دون اسـتثناء لبرامـج التحصين‬
‫البحـوث الأمن َّيـة في منتصـف عـام ‪ 2021‬إلى أن مـن بين ‪ 100‬شـخص‬                    ‫التـي تنظمهـا الدولـة وتعاطيهـم جرعاتـه المجدولـة مـع تطبيـق جميـع‬
‫أصيبـوا بالفيروس أمكـن التعـ ُّرف إلى ‪ 172‬ساللة قـد تكـون تحـ ُّورات‬               ‫الإجـراءات الاحتراز َّيـة‪ ،‬فإنـه يمكـن وبسـهولة احتـواء أي احتمـالات‬
‫جين َّيـة جديـدة مـن الفيروس؛ مـا يشير إلى أن «كوفيـد – ‪ »19‬قـد يتحـ َّور‬          ‫لتو ُّسـع الفيروس في الانتشـار أو التحـ ُّور‪ ،‬وقـد تكـون الجرعـة الثالثـة‬
‫إلى عـدد مـن الساللات أكرب مـن معـدل انتشـاره بين الأشـخاص بمـرة‬                   ‫حلقـ ًة في سلسـلة مـن الجرعـات اللاحقـة التـي تتطـ َّور معهـا دفاعـات‬
‫ونصـف المـرة‪ ،‬وقـد تتفـاوت الساللات المتحـ ِّورة في سـرعة انتشـارها بين‬            ‫الجسـم المناع َّيـة لاسـتقبال أي هجمـات جديـدة مـن شـأنها أن تعيدنـا‬
‫النـاس وفي شـدة ضراوتهـا ومراوغتهـا للقاحـات‪ ،‬وهـذا قـد بـات واض ًحـا‬              ‫إلى المربع الأول الذي انعكست سلب َّياته الصح َّية والاحتراز َّية على الأمن‬
‫في متحـور «أوميكـرون»‪ ،‬ولكـن لـم ت ُعـد الإجـراءات الاحتراز َّيـة على‬              ‫بجميع أشكاله وأبعاده الاقتصاد َّية والبيئ َّية والتقن َّية والجيوسياس َّية‪،‬‬
‫مـا كانـت عليـه إ َّبـان ظهـور الساللة البريطان َّيـة في ديسـمبر ‪ 2020‬التـي‬        ‫ثـم لا تـزال نقطـة في غايـة الأهم َّيـة أحسـب أن التغلـب عليهـا يسي ٌر جـ ًّدا‪،‬‬
‫أعلنـت على أثرهـا عـدة دول أوروب َّيـة وعرب َّيـة الإغالق التـام؛ فالمبشـر في‬
‫الأمـر أنـه ومـع اسـتمرار الإجـراءات الاحتراز َّيـة وتعاطـي اللقاحـات حسـب‬                 ‫في دراسة أجراها مركز‬
‫برامجهـا المجدولـة لتعزيـز جهـاز المناعـة البشـري‪ ،‬سـتتلاشى المخـاوف مـن‬                 ‫البحوث الأمنية بالجامعة‬
‫هـذا الفيروس ويصبـح كسـابقيه مجـرد عـدوى موسـم َّية تصيـب الجهـاز‬                        ‫من بين ‪ 100‬شخص أصيب‬
‫التنفسي يمكـن التغ ُّلـب عليهـا بلقاحـات موسـم َّية كفيروس الإنفلونـزا‬               ‫بالفيروس‪ ،‬أمكن التعرف على‬
                                                                                      ‫‪ 172‬سلالة قد تكون تحولات‬
                                                           ‫الموسـم َّية‪.‬‬
                             ‫وتتل َّخص توصيات هذه المقالة فيما يلي‪:‬‬                        ‫جينية جديدة للفيروس‬

‫‪ 	.1‬مواصلة تطبيق جميع التدابير الاحتراز َّية للص َّحة العا َّمة بفاعل َّية‪.‬‬
‫‪ .	 2‬اتسـاع دائـرة التحصين مـع مراعـاة التوزيـع العـادل للقاحـات على‬

                                         ‫جميـع مناطـق العالـم‪.‬‬

‫‪ .	 3‬اعتبـار الأشـخاص الذيـن يعانـون نقـص المناعـة المصابين بعـدوى‬

‫«كوفيـد» المزمنـة عنصـ ًرا مه ًّمـا في إسرتاتيجيات الوقايـة؛ حيـث‬
           ‫يمثلـون أر ًضـا خصبـة مثال َّيـة للمتحـ ِّورات الجديـدة‪.‬‬

‫‪59 440‬‬
   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64